تقديم بيروت برايد
وقناعةً أنّ استمراريّة بلدنا وسلامة صحّته منوطتَين في تكريس مجتمع جامع يحفظ الإنسان في جوهره وإنسانيّته، فنشعر جميعنا في انتسابنا إلى كيانه الواحد، القويّ، البعيد عن الخوف والإختباء الإجتماعي غير السليم،
وانطلاقًا من تاريخ لبنان الحديث الذي شارك في تأسيس منظمة الأمم المتحدة والملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واستنادًا على مقدّمة الدستور التي تنصّ أنّ الدولة تحترم الحريات وتعمل لتعزيز العدالة الإجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين من دون تمايز أو تفضيل،
وتفاعلاً مع خطاب الإدارة الجديدة الذي يلحّ على أهمية تحسين أحوال اللبنانيين من خلال مبادرات ونهضات تندّد بخطاب العنف والكراهية والذي يحثّ على مجتمع آمن لجميع المواطنين،
تأتي بيروت برايد، منصّة إيجابيّة عملها تشاركي، تأخذ موقف ضدّ الكره والتمييز، فتستنكر خطاب الكراهية والعنف وبخاصّة هذا الذي يتعدّى على التنوع الجنسي والجنساني من خلال مبادرات وعي إجتماعيّة تؤيّد اللاعنف ومقاربة غير متحيّزة للأفكار المسبقة. فتهدف إلى تأكيد الذات والكرامة من خلال مشاركة أفراد الصناعات الإبداعية اللبنانيّة ومساهة الجمعيات غير الحكومية المحليّة التي تُعنى بحقوق الإنسان. فليس من المقبول التعدّي على شخص ما بسبب الشك في اختلافه والتنمر عليه وإرهابه ومضايقته وإذلاله وسحقه. تتمحور بيروت برايد في هذا الإطار حول السابع عشر من أيار/مايو، وهو اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثليّة والتحوّل الجنسي، فتقدّم مجموعة نقاشات ولقاءات وأفلام وعروض ومحترفات وسهرات ومشاركات مفتوحة للعامة.
والفخر، بعكس العار والوصمة الإجتماعيّة، هو احتفال بالإنسانيّة وتنوّعها. وليست بيروت برايد بمنصة مستوردة من الغرب، بحيث أن برنامجها ومبادراتها محلية، تنبعث من خصوصيات وتعقيدات النسيج الإجتماعي اللبناني. وهي لا تؤيد أو تشجع الإشتباكات مع أي جهة، ويديرها متطوعون لبنانيون من دون إنتماءات سياسية (أحزاب وسفارات وغيرها). وتأتي بيروت برايد بعد مسيرة عقود من العمل والمبادرات التي بدأها أشخاص إستثنائيون وشجاعون استعرضوا العديد من القضايا الإجتماعية وواجهوا الآخرين للاعتراف بهم وعرضوا أعمالهم الفنية ووقفوا على خشبة المسرح ورقصوا وغنّوا وتحدثوا بعفويّة عن أنفسهم وهوياتهم، رافقهم مشاهير تكلّموا علنًا على التنوع الجنسي والجنساني وأظهروا الشجاعة والفخر، أصيلين - حتّى على حساب أيّة خسارة.
بيروت برايد أوّل برايد في العالم العربي، وهي منصّة مرحة وبنّاءة تدعو الأفراد على التعبير عن أنفسهم فتساهم في التحرّر الملحّ من قيود وتداعيات دوّامة الكراهيّة المدمّرة على الإنسان وعلى الوطن والتي تدفع المواطنين إلى دول أخرى تصون حقوقهم الأساسيّة.