بيان توقيف نشاطات بيروت برايد – ١٤ أيّار ٢٠١٨
صياغة هادي دميانموجز
١. أُلغِيَت نشاطات بيروت برايد المُدرجة حتّى ٢٠ أيّار بناءً على قرار المدّعي العام في بيروت.
٢. وقّع هادي دميان تعهّد ليؤكّد من خلاله إطّلاعه على حكم المدّعي العام.
٣. لا علاقة بين توقيف النشاطات وتوقيع هادي.
٤. لا يشكّل تعليق نشاطات بيروت برايد لشهر أيّار ٢٠١٨ نكسة لملف المثليين في لبنان.
ترتكز بيروت برايد ٢٠١٨ على تسعة أيّام تتمحور حول السّابع عشر من أيّار، أي اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثليّة. أُطلِقت بيروت برايد ٢٠١٨ في الإثنَي عشر من أيّار من خلال لقاء يحتفل بالأهالي الذين حافظوا على عائلتهم، فلم ينبذوا أولادهم عند إعلانهم عن مثليّتهم الجنسيّة، أو على الأقلّ، بادروا إلى الحفاظ على تماسك العائلة. وأطلقت بيروت برايد مبادرتها المُتعلّقة بمواكبة العائلات لاستيعاب الأهل وأولادهم. واحتفلنا مساءً في سهرة إفتتاح بيروت برايد التي استقطبت عدد هائلًا من الحضور. وفي الثالث عشر من أيّار، برانش تخلّله عرض موسيقى وغناء وحديث عن متحوّلي الجنس، ثمّ حوار في الـMigrant Community Center حول الذّكوريّة والأنوثة بالمشاركة مع جمعيّة أبعاد، قبل عرض راقص في إحدى الملاهي. تخلّل اليوم الثالث لقاءات مثمرة، قبل إطلاق مبادرة الـCorporate Pledge التي تُعنى بعالم المؤسّسات وسياساتها المتعلّقة بالموظّفين والزّبائن المثليّين ومزدوجي الجنس والمتغيّرين منه. وتدخل هذه البادرة حيّز التّنفيذ في أيلول ٢٠١٨. ومن بعدها، أمسية في استديو زقاق، يتخلّلها قراءة في اللّغة العربيّة للنص المسرحي ”غيلان“ (Ogres”“)، يليه حوار ثمّ سهرة في المكان نفسه. ونصّ ”غيلان“ مجموعة من الرّوايات والقصص القصيرة التي تُحاكي جرائم واعتداءات نُفِّذت باسم كره المثليّين والرّهاب تجاههم.
إلّا أنّه، وعند السّاعة الثامنة والعشر دقائق، تلقّيت اتّصالًا من استديو زقاق يحيطني علمًا أنّ عناصر من قسم الرّقابة في الأمن العام متواجدين في الاستديو لأيقاف القراءة إذ لم يحصل استديو زقاق على إجازة عرض. وتجدر الإشارة إلى أنّ إجازة العرض كناية عن موافقة قسم الرّقابة في الأمن العام على أداء عرضٍ ما، ولا تحتاج القراءات إلى إجازة من هذا النّوع. وكان استديو زقاق قد سأل قسم الرّقابة سابقًا إذ يحتاج إلى إجازة عرض لقراءة نصّ ”غيلان“، وأتى الجواب بالنّفي. لم يُجدِ الحديث مع الرّئيس في قسم الرّقابة إلى تحسين الوضع، وبدأت الأسئلة تنهال على الهاتف حول برايد وماهيّة برنامجها. لم تفلح سلسلةٌ من الإتّصالات الهاتفيّة مع سياسيّين وأمنيّين في طريقنا إلى مكان العرض إلى الوصول إلى نتيجةٍ ما، وأبلغنا القيّمون على استديو زقاق عن تواجد عناصر من الأمن العام والإستقصاء والرّقابة والآداب تنتظرنا للتحقيق معي، بصفتي مؤسّس بيروت برايد. عقدنا اجتماعًا مع ممثّلي المكاتب الأمنيّة وبحضور استوديو زقاق ومحامين، تخلّلته إتّصالات مكثّفة من مكتب الآداب لاستدعائي يوم غد إلى مخفر حبيش في شارع بليس للتحقيق معي. وإذ انسحب القسم الأكبر من الجمهور خوفًا من تفاقم الأمور ومن أيّ اعتقالات تعسّفيّة جماعيّة قد تتمّ، تناقشنا فكرة نقل القراءة إلى مكان سكنٍ خاص، بغية عدم إلغاء الحدث، لما يحمل من موقف سياسيّ ومقاوم واحترامًا لجهد العاملين على هذه الأمسية. وتوقّف الإجتماع عند دخول عناصر من مكتب الآداب، طالبين منّي مرافقتهم الفَوريّة للتحقيق. توجّهنا مع العناصر إلى الثكنة، من دون مذكّرة إحضار أو أصفاد، لنعلم عند وصولنا قرابة الحادية عشر ليلًا أنّني سأبيت في نظارة السجن. كانت الإتّصالات تنهمر علينا، البعض منها من الجمعيّات التي تُعنى بشؤون المثليّين في بيروت، وقد حضر بعض أعضائها إلى الثكنة من دون التمكّن من دخولها بسبب تأخّر الوقت. تتّسع نظارة السجن لخمسة أشخاص، وكنّا تسعة وثلاثين شخصًا فيها. جالسًا على الأرض، كنت أستجمع أفكاري، أستعرض حلول لكيفيّة استمرار النّشاطات من جهة، وأحاول استنباط سَير التحقيقات من جهة أخرى. فصدى التحقيقات في ثكنة حبيش ومجمل الإنتهاكات التي تحصل هناك ليست ألطف ما يكون.
تمّ استدعائي إلى التحقيق قرابة الحادية عشر من صباح اليوم (الثلاثاء ١٥ أيّار). سعيدٌ كان حظّي إذ لم يطلني طاقم التّحقيق ولم يُعتَدَ عليّ جسديًّا أو لفظيًّا، ولا يمكن تعميم هذا الأمر على كلّ المعتقلين الذين بانت عليهم بقع زرقاء وخضراء وعلامات قالوا أنّها من الضرب. تبيّن في التّحقيق أنّ سبب الإستدعاء هو حصول النّيابة العامّة على برنامج بيروت برايد في نسخةٍ عربيّة محرّفةٍ لتبدو النشاطات أنّها تحضّ على الفجور والفسق وعلى الإخلال بالآداب العامّة. وتضّمن البرنامج في لغته العربيّة مصطلحاتٍ نابيَة لا تحترم المثليّين ومزدوجي الجنس والمتغيّرين منه. وضّحنا تفاصيل كلّ نقطةٍ تمّ التطرّق إليها، ثمّ أدليت بإفادتي أمام رتيب التحقيق. وتعرّف الإفادة عن بيروت برايد، عن ماهيّتها ومباداراتها، فتصحّح الكلمات المستخدمة خطأً وتتطرّق إلى المسائل المهمّة. اتصل المحقّق بالمدّعي العام الذي قرّر توقيف جميع نشاطات بيروت برايد المدرجة في البرنامج حتّى ٢٠ أيّار ٢٠١٨. أمّا بالنّسبة لي، عُرِضَ عليّ خيارَين. إن أردت أن يُطلَقَ سراحي، توجّب عليّ أن أوقّع على سند إقامة ليتمّ تبليغي إن تمّ الإدّعاء عليّ فيما بعد، وتوجّب عليّ أيضًا أن أوقّع تعهّد أؤكّد من خلاله أنّني على علم بقرار القاضي (المدّعي العام). وإلّا، يتمّ توقيفي لأُحال إلى قاضي التحقيق فيتمّ إستجوابي بعد الإدّعاء عليّ بتنسيق نشاطات تحضّ على الفجور وعلى الإخلال بالآداب العامّة. وكان الخيار الأوّل المخرج الأنسب حسب المحاميّة، فيُطلَق سراحي وأثابر عملي. خرجت من الثكنة قرابة الثانية والرّبع من بعد الظّهر.
وبالتّالي، وبناءً على قرار المدّعي العام في بيروت، يتمّ تجميد نشاطات بيروت برايد لهذا الأسبوع، وندعو المنظّمين إلى الإمتناع عن القيام بهم حرصًا على سلامة الأفراد القيّمين والمشاركين فيها.